ماهي احتياجات المجتمع؟

تعتمد منظمات المجتمع المدني في عملها على تقدير احتياجات الأفراد داخل المجتمعات وفقاً لمجالاتها، قد تطابق تلك التقديرات الاحتياجات الفعلية للمجتمع، إلا أنها قد تحتاج غالباً إلى معرفة ما يحتاجه الأفراد فعلاً، وكيف تستطيع تطوير مشاريعها وأنشطتها لتلبية تلك الاحتياجات وتحقيق الأهداف والآثار وتعزيز القدرة على التغيير.

لنفترض أن لديك مشروع يهدف إلى الحد من عمالة الأطفال في مجتمع معين، وتمتلك تصور أولي حول حاجة الأطفال لحمايتهم من التشغيل تحت السن القانوني أو استخدامهم وتشغيلهم في المهن الخطرة، ولكن؛ ما الذي يجعلك متأكداً من أن المجتمع يضع هذه الحاجة ضمن أولوياته أو أنه على استعداد لتقبل أنشطة مشروعك وتغيير الممارسات؟ قد تكون الحاجة الملحة للمجتمع هي توفير فرص عمل للبالغين من الأهالي، أو وقف استغلال أصحاب العمل للأطفال لأنهم يتقاضون دخلاً أقل من البالغين.

يمكن تعريف الاحتياجات بأنها الفجوة بين ما هو موجود فعلاً وبين ما ينبغي أن يكون، فهي لا تعبر عن الحاضر ولا تعبر عن المستقبل بل الفجوة بينهما.

قد تكون بعض الاحتياجات ملموسة وواضحة مثل حاجة المجتمع إلى الغذاء والمسكن، إلا أن بعضها الآخر يحتاج إلى فحص المواقف عن كثب لمعرفة ما هو مطلوب حقاً.

يتم تصنيف الاحتياجات إلى أربع أنواع، ويساعد فهم التصنيفات على تحديد المنهجية التي سوف تستخدمها لإجراء التقييم وبالتالي تحديد الأولويات:

الحاجة المعيارية: تستند هذه الحاجة على معيار أو معايير تم إنشاؤها واعتمادها بواسطة العرف أو السلطة، تحدد الحاجات الكمية أو النوعية المختلفة وتقيسها، فإذا كان أي فرد أو مجموعة أقل من المعيار المحدد يتم اعتبارهم أنهم بحاجة، وقد تتغير هذه الحاجات بتغير معاييرها مع مرور الوقت نتيجة للتطورات في المعرفة والقيم المتغيرة للمجتمع، يمكن الوصول إلى هذا النوع من الحاجات من خلال البيانات والدراسات والإحصاءات على سبيل المثال.

الحاجة المتصورة أو المحسوسة: يتساوى مفهوم الحاجة هنا مع الرغبات، تستند هذه الاحتياجات إلى ما يشعر الأفراد أنهم يحتاجون له وقد يتغير المعيار بناءً على وجهة نظر كل فرد، يحتاج الأفراد إلى حمايتهم من استغلال أصحاب العمل مثلاً، من الضروري عدم استبعاد الاحتياجات المتصورة على أنها مجرد آراء رغم أن الحاجة المتصورة في بعض الأحيان قد لا تكون مقياس كافٍ للحاجة الحقيقية لأنها مقيدة بتصورات الأفراد ورغباتهم.

الاحتياجات المعبر عنها: يحددها عدد الأفراد الذين طلبوا المساعدة أو الخدمة، ومن حيث المبدأ لا يطلب الأفراد الخدمة ما لم يشعروا بحاجتهم لها، شعر الأفراد بحاجتهم للحماية من استغلال أصحاب العمل وطلبوا المساعدة والخدمة، ولكن يجب الانتباه من افتراض أن جميع الأشخاص الذين شعروا بالحاجة قد يطلبون المساعدة ربما لم يرغبوا في التعبير عن حاجتهم أو لم يتمكنوا من ذلك، وبالتالي تعود الحاجة إلى أنها متصورة.

الاحتياجات النسبية: وهي الاحتياجات المقدمة على أساس الإنصاف والعدالة، وتعبر عن الفجوة بين مستوى الخدمات الموجودة داخل مجتمع واحد أو بين أكثر من مجتمع، يعاني الأطفال في مجتمع ضمن دائرة جغرافية محددة من صعوبة الالتحاق بالمدارس الحكومية نتيجة لقلة عددها وبعدها عن أماكن سكنهم مقارنة بمجتمعات أخرى.

قد يعبر الأفراد عن الاحتياج بأنه مشكلة، والمشاكل هي جزء من الحياة وكل مجتمع لديه مشاكل وفقاً لخصوصيته، تحاول المجتمعات حل مشاكلها دائماً، وتحليل هذه المشاكل وأسباب وجودها يساعد المجتمعات ويساعدك على حلها بدلاً من التوجه مباشرة إلى محاولة الإصلاح.